عندما ارى صورة التقطها أحد أفراد مجتمعنا الفاضل ، اجد كم انها مشوهه و معدله و تخفي خلفها الكثير من العقد النفسية والاجتماعية ، من قراءاتي المستمرة لتلك الصور و الفيديوهات التي تنتشر هنا وهناك عبر الشبكة ، حتى عندما أسقط ذلك على مستواي الشخصي ، أجدني لا اخلو من تلك العاهات ، عندما نلتقط صوره نحاول ان نزينها وجعلها اجمل مما تبدو عليه ، نعيدها مراراً و تكراراً دون هوادة لا نعلم ما هو المعيار الذي نتوقف عنده !
نكترث بأمر تلك الصوره اكثر من اهتمامنا بتوثيق تلك اللحظه و الأشخاص و المكان .فالمكان و الزمان و الانسان هم العوامل الرئيسة لالتقاط تلك الصورة وذلك الفيديو العائلي ، و توثيقها هو المهم و ليست ابتسامتك بالجانب الذي يظهر فيه وجهك أكثر جمالاً وجاذبية.
عندما ترى الانستقرام وكيف تبدو صور الأجانب مضحكة في نظرنا ولكنها مليئه بالسعاده و الحياه ، هم التقطوها لأنفسهم لكي يوثقوا تلك الفترة من حياتهم ، لكي ينظرون اليها في ليلة شتوية بجانب المدفأة هم و ابنائهم ،ان كنت تريد ان ترى مدى الحياة في صورك التي التقطتها اجعل احد الاطفال ينظر اليها .
لماذا ازعم انها تشوه نفسي و اجتماعي في مجتمعنا ، لان الصوره لدينا مرت بمراحل عدة ، في فتره من فتراتها حُرمت وكانت ذنب عظيم ، بل أعظم من ذلك .أتذكر ذلك الصباح الذي كنت فيه صغير جداً برفقة أمي في حديقة منزلنا و هي تقوم بإلقاء النظرات الأخيرة لصور عديدة لها و لعائلتنا قبل أن تشعل النار في تلك الصور الجميلة ..
كنت ارسم كثيراً و كانوا يقولون لا ترسم الوجوه لأنها حرام! ولكن الحمدلله انني كنت لا ألقي بالاً لتلك الترهات لكي لا اعيش اضطراب فكرياً بين ما احب و ما يعتقدون! كانت كل تلك المواعظ و الآراء المضطربة تؤثر على مدى تعاطي الناس مع التصوير و اقتناء آلات تصوير حتى! عوضاً عن تمزيقها من الكتب و المجلات!
بالحديث عن الماضي! فجوة بالتاريخ.
كم مرة تمنيت أن تركب قطار؟ كم مرة تخيلت ان يطرق بابك ساعي البريد! أرى ثقباً زمني في تاريخنا، أو أن هناك حقبة تاريخية مفقودة لم نعشها . حين نسمع اغاني يذكر بها ساعي البريد لا نشعر بشيء وكأن هذا الكلام لا يعنينا ، عاشوه سكان الأرض ماعدانا!
سافرت مرة مع اشخاص اكبر مني سناً بكثير ” أي لديهم عاهات اكثر مني ” فكان كل اعجابهم بتلك الدولة ليس بالجو ولا المتنزهات بل كان منصب على ان لديهم مولات كبيره بها مقاهي يستطيعون الجلوس بها مع عوائلهم!!!
كل حديثهم كان عن الناس و أنهم متحضرون و ان هذه المولات اجمل بسبب تلك المقاهي ، ياالله!اكتشفت أنهم مغيبون رغم أنهم يعيشون في العاصمة الرياض ولدينا من المقاهي والمجمعات التجارية أضعاف ما رأوا هناك بل أجمل بكثير ، ولكنهم مغيبون هنا ، عقولهم المغيبة فقط .عندما يغيب العقل لا ترى البصر شيء من الجمال . لم استطع اخبارهم ان بامكانهم الذهاب إلى مقاهي الرياض التي تفوق تلك جمالاً لكن خشيت أن أفسد عليهم سعادتهم!
لذا أصبح السفر مهرب لنا من تلك البيئة الغير صحية التي خلقناها لأنفسنا . هذا ما اراه في مجتمعنا المشوه الذي يحب الحياة ويبحث عنها هناك بالخارج ، ان كنت تراني مخطئ فدعني اوضح لك
كم مبتعث تعرفه ذهب لبلد الابتعاث بهدف ” البكالوريوس” ولم يعد الى بشهادة ” الدكتوراه” هل تعتقد ان هذا حباً للعلم!! الحياة الجميلة ياصديقي هي من جعلته يبحث عن أي طريقة تجعله يضل هناك فترة أطول. و لو كنت هناك لفعلت ما فعلوا ، تجدهم في اول اجازة في مرحلة الابتعاث يحرصون على أن يقضونها هنا بالوطن ، و لكن باقي الإجازات لا يعودون بل يفضلون البقاء!
أكثرت الحديث هذه المرة الى اللقاء ،،
اترك تعليقًا