سأكتب عن كل اؤلئك الذين التقيت بهم ، واثاروا عاطفتي تمنيت ان اكون شاعراً لأنظم بيتاً يصف كل تلك المواقف ، واحيانا اخرى تمنيت لو كنت رسماً لاجسد شخصياتهم داخل كراستي.
لكنني اقل من ذلك ان مجرد اكتب لا ارى نفسي كاتبًا رائع بقدر ما ارى ان ما اكتبه هو ما تمليه علي نفسي لاريحها حين و اسعدها حين اخر.
تلك المشاهد بالطائره و القطار و جسر السلام و كل محطات المدينة حين كانت تقع عيني على مشاهد لا استطيع ان اراها طبيعيه في حين الجميع يتجاوزها ولا يعيرها اهتمام البته، و كأنهم زوائد لا وجود لهم.
حين اخبرني سائق الاجره العجوز انه لن يتحرك حتى اربط حزام الامان ، وفي عينه نظره توحي بالانضباطية والجدية وكانه حامي المدينة الخفي. شعرت انني لو لم اربط ذلك الحزام لسقطت جسور تبليسي.
حين كنت بالطائرة وقبل ان تقلع طائرتنا بدقائق كانت احداهن تحاول مرارا وتكرارا الاتصال بالانترنت قُبيل الاقلاع لترسل رسالة. كانت الطائره تتحرك على المدرج والجميع في وضع الاستعداد للاقلاع، وهي ظلت تحاول و تحاول ، الى ان افلح الامر اخيراً وارسلت رسالتها اللعينة ،التي تمنيت لو كنت اقف بينها وبين الراوتر لالتقط تلك البكتات المشفره و اكسر تشفيرها لاقرأ محتواها قبل ان اعيد تشفيرها و تمريرها عبر الشبكة الى وجهتها الاخيره. التي يغلب الظن انها لحبيب ينتظر رسالة محتواها “حبيبي اقلعنا ”
عار ان لم اكتب عن حديث النادلة مع السائح ولكن هذه المره الحديث كان عكسياً.
لم استطتع ان اقاوم ذلك الحديث ارخيت سمعي جيداً. كانت شابه خجولة لا تستطع جذب الزبائن كباقي الفتيات والشبان ، توقف ذلك العميل الذي يبدو بسن والدها، قال يبدو انك لا تجيدين جذب الماره لمقهاكم الرائع تبدين خجولة ، اكمل يتوجب عليك قول كلمات مثل “مرحبا ، تفضلوا … ” اخذ العميل في سرد كلمات متعدده بلغات مختلفة تحاكي جنسيات السياح وكانه ابيها الروحي في تلك اللحظة. وبعد وابل من الكلمات التحفيزية وشرح لفن التسويق وجذب العملاء. اخبرته باستحياء ” this is my first day ”
لم يكن ذلك الرجل دراميا بما يكفي ليتعاطف مع الكلمة كان جديا فقال: لكل شي دائما اول يوم.
بعد مضي وقت عاد مرة اخرى لينظر لأدائها ان تحسن !، اخبرها انه سيطلب كوب عصير و هي من سيشربه امام المحل وذلك كفيل بأن يجذب الماره حين يرون ذلك المشروب البارد في حر هذا الصيف.
اشار الى زميلتها التي تشاطرها العمل ” ساعديها “.
على ما يبدو لي ان ذلك الرجل صاحب اعمال من الدرجة الاولى ويعي ما يقوله.
قد تبدوا كل تلك المشاهد بلا قيمة وهامشيه ولكنها حقاً تثيرني.
حين نمضي في الرقات لا ننظر للناس من حولنا وكان وجودهم هنا في هذا المكان وبهذا الزمان مشهد لا يعني لنا شيء. هم حقا لاشيء لن يتوقف العالم ان سقط فقير على الشارع، لم يعبأه احد بتلك الحمامه التي سقطت سوى ذلك المشرد الذي اخدها ودخل بها الصيدلية ضناً منه انهم سيساعدونها.
بالنظر في الشارع ومشاهده الناس تُقرأ الحقائق ، فليست جميع الكتب مهمه فتجد الكثير من الكتب ملقاه على الارض وتُباع بثمن بخس. كذلك التاريخ ليس كله مهم ، كنت اجد كُتب عتيقة تحكي ارث تاريخي نُباع بابخس الاثمان، الفن والموهبة ليست دائما المنقذه من سطوة الحياة . ففي كل رحلة ارى العازفين في كل مكان يعزفون ليل نهار لأجل قطع نقدية زائده في جيوب الناس. وذلك الرسام بلوحاته الجميلة يفترش الارض سريرا والسماء لحافاً.
الاخير هو ذلك الحبيب المُمل ، الذي امضى ٥ ساعات في القطار يلعب بهاتفه في حين كانت فتاته تبتسم في كل مره يرفع فيها الهاتف للأعلى ظناً منها انه سيلتقط صورة لها.
يبدو انكِ تستحقين اكثر من ذلك يا سيدة.
كل مشاهد الطريق تلك تثير حفيظتي ان اكتب عنهم وان لم بعبأه بهم احد بما في ذلك هم انفسهم، لم يطلب مني احد ان اكتب عنه !
جورجيا-تبليسي june 2019
اترك تعليقًا